العلاقة مع الغير

بسم الله الرحمن الرحيم

مادة الفلسفة                                         

الثانية علوم إنسانية

 ثانوية محمد السادس، ورزازات

       2008 – 2009  

فرض محروس

يميل موقف القدماء- الموقف الذي تحكمه من غير شك عوامل سيكولوجية لأنه يظهر لدى كل الناس في وضعيات بعينها-  إلى احتقار جميع الأشكال الثقافية المختلفة عن تلك التي تتبناها الذات و تتقمصها. و التي تعبر عنها ردود أفعالنا المتوجسة من الغير, لذلك نجد بأن الحضارة اليونانية القديمة تصنف المنتمين إلى الثقافات المخالفة لها بأنهم متوحشونdes barbares.

هذا النمط من التفكير، الذي بموجبه نرفض "المتوحشين"، هو، بالضبط، نفس النمط الذي يميز سلوك هؤلاء بالذات. حيث تـقف الإنسانية، في نظرهم، عند حدود القبيلة، حدود المجموعة اللسانية، و أحيانا حدود البلدة؛ إلى حد يميز فيه عدد من السكان البدائيين أنفسهم بالأخيار و غيرهم بالأشرار. و هو ما يعني بأن القبائل المغايرة لا تتقاسم معهم القيم الفاضلة بل و حتى الطبيعة الإنسانية. و غالبا ما ننفي عن الغريب وجوده المادي و نعتبره مجرد شبح أو خيال. في  جزر الأنتيل، سنوات بعد اكتشاف أمريكا، و عندما كان الإسبان يرسلون بعثات للتأكد من أن السكان الأصليين لهم روح أم لا، كان هؤلاء يحرصون على الاختلاط بالسجناء البيض لكي يتيقنوا، بعد مراقبة طويلة، من أن جثتهم ستفسد أو لا تفسد.

إننا عندما نرفض اعتبار الذين هم غرباء عنا بأنهم أناس مثلنا و ننعثهم بالمتوحشين فإننا لا نفعل شيئا سوى أننا نستعير منهم موقفهم الذي يطبعهم في الأصل. إن المتوحش، في الحقيقة، هو ذلك الذي يعتقد بأن الغير هو المتوحش.

حلل النص و ناقشه