Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
فلسفة تحليل نفسي

دروس تأملات مقالات

ترجمات

يقول مونييه:

كيف سيكون حال الإنسان بدون الحرية؟ هل سيكون مجرد لعبة في الكون؟ هذا هو القلق الكبير الذي ينتاب الإنسان. و لكي يخفف من وطأته فإنه يلح في طلب الحرية بشدة و يرغب في أن يقبض عليها و كأنها شيء و أن يدركها  مثلما يدرك مبرهنة رياضية، كي يحصل له اليقين بأن الحرية موجودة في العالم. لكن دون جدوى.

إن الحرية هي أساس وجود الشخص،تعاش ولا ترى. الحرية لا وجود لها في العالم الموضوعي الذي لا وجود فيه إلا للأشياء المعطاة و الأوضاع المكتملة. و لما كان من الصعب على الإنسان أن يجد ملجأ له في عالم الحرية فإنه يسعى إليه معتمدا آلية النفي، نفي عالم الحرية لأن أسباب الولوج إليه غير متوفرة و شروط الانتماء إليه منتفية. لكن ما الذي بإمكان الإنسان أن يفعله إزاء هذا النقص الذي يعانيه؟ ليس أمام الإنسان،لذلك، إلا صورتان للحرية تنكشفان له بشق الأنفس.

تتحدد الحرية، في الصورة الأولى، في اللامبالاة: الحرية هي أن لا أكون شيئا و أن لا أرغب في شيء و أن لا أفعل أي شيء؛ لا يتعلق الأمر برفض تعيين قصد بذاته و إنما الامتناع المطلق عن تعيين أي قصد. هذا النمط يمثل نموذجا لحرية الفكر و حرية الفعل عند بعض المتحررين و بعض الفوضويين.  غير أن الإنسان لا يدرك أبدا هذا التوازن: إذ بإيهامه بأن هذه اللامبالاة ممكنة نخفي عنه اختياراته الواقعية أو ندفعه نحو المتعة القاتلة باللامبالاة.

و تتحدد الصورة الثانية للحرية في حرصنا على تحدي الحتميات الطبيعية. و لعل هذا المنظور هو ما حرص الإنسان على إرغام الفيزياء المعاصرة عليه، إرغامها على أن تثبت"وجود الحرية". لكن ذلك، في واقع الحال، لم يكن إلا اتجاها ضد- الحرية. فحرية الإنسان ليست مجرد "باق قسمة" في الحساب الكوني. إذ من يستطيع أن يضمن بأن مثل هذه الحرية المنشقة عن نظام الكون مجرد حرية واهمة متمخضة عن ضعف المعرفة الإنسانية؟ هذا إن لم يكن هذا الانشقاق مجرد تشويه منظم للطبيعة و للإنسان. ما هي قيمة مثل هذا التشويه بالنسبة للإنسان؟ (...) إن الحرية لا تنال ضد الحتميات الطبيعية و إنما تؤخذ بها و معها.

 

 

المصدر: le personnalisme

Emmanuel Mounier

Puf : 1949
ترجمة ذ. عبد السلام أولباز

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article