Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
فلسفة تحليل نفسي

دروس تأملات مقالات

Méditation

تأملات لها ما بعدها

هل  نحيى ورطة وجود؟

ينتظر الإنسان الموت كي ينتمي لعالم آخر قد يكون مختلفا عن عالم تنتمي إليه كل صور الألم و صنوف المعاناة. و لعل أشقى هذه الصور أن يفقد الوجود عند المرء معناه. قد نصبر على الشقاء يسدل ظلمته في أجسادنا جوعا و عذابا...لكن أن يشقيك الوعي و أن تلمك خيوط الموت في أتون اللحظة تنتشي فيها مرارة الزيف لتخرج عربيدا تصدح بالكلمات تمنطقها لأجل أن تطبطب على عقول الآخرين و تشهد لهم، أنت العربيد بنبيذ الزيف، بأنك العاقل بينهم... فذلك أمر لا تطيقه النفس و لا تحتمله صرخة استهلال قذفتك إلى وجود محتوم.

ولأنك ولدت حرا و إن لم تختر، و لأن لحظة الحرية ليست، ربما، إلا أملا نحتسيه في خطاباتنا كلما ضاق بمعاناتنا قفصنا الصدري  فإن انبثاق الوجود حولنا سيرتبط باستلاب كل شيء فينا. هل ما نفكر فيه و به أصيل فينا؟ هل ما تختزنه الخلايا عندنا ينتمي إلينا؟ هل الحلم الذي نلقي عليه عناء الحاضر, بحيث تظل السعادة مؤجلة إلى زمن آخر، حلمنا  ؟ هل قدرنا أن نحيى في كنف الآخرين الذين لا نعلمهم إلا من خلال وجوه شبحية تتراقص  أمامنا كلما تنزل على وجودنا المأزوم أمر صيغ في أوكار لا ترصدها العيون؟ كيف للوقت يقتلنا و الكلام يحيينا رغما عنا. كلما انتفضنا طوقتنا الجيوش و كلما استسلمنا طوقتنا  الدموع و آهات الأطفال و نواحات النساء و همهمات الرجال.

نأتي إلى الوجود قدرا و ننتظر أوبتنا إلى مسقط جثثنا قضاء و بين المجيء و الأوبة نقضي حياة زائفة. الزيف ليس قدرا و لاقضاء بل إرادة قوة مجهولة حريصة على إسقاطنا في متاهات الرداءة كي يستقيم لها ما تريد. تفتعل أزمة اقتصاد و تحاول حلها بسرقة و نهب و هي الحية بسرقة و نهب  ثروات الشعوب. تثير حربا و يموت الملايين منا ثم يطل الأشباح بصور تنبعث منها رائحة الموت ليقولون لنا لكي نحيى يجب أن  نموت. يمكن أن  نفهم التناقض في المنطق المعاصر لأنه اشتغال في المتخارج عنا، لكن أن نحيا لنموت و نموت لنحيا فذلك أمر يدعو  إلى الجنون.  لكن لماذا لا يموتون هم لنحيا نحن أم أن قدر العبد أن يطيع سيده  حتى في أعطية لا ترتوي إلا بالدم و التراب. يؤولون القيم كما أرادوا و يقولون, باسم الله أنت العبد انصع و لا تجادل، باسم الرب عطل كل قدرة فيك على الفهم و الفعل  و إلا حلت بك الخطيئة التي و إن "تقمص الإله ابنه" فلن تمحى إلا بشرائك لصك المغفرة و الرضوان. و في السياسة تتراءى حلوقهم من أعناق صدئة تهفت بالأخلاق و بالخير يعم البلاد، يقضى على الجوع و البطالة و الباعوض، يحول الشياطين ملائكة. و المقابل صوت إن  أنت ضللت العمر كله تنهق به فلن يعطيك خبزا و لا زيتونا، لكن لماذا تحتاجون إلى أصواتنا و هي لا تساوي فلسا؟ و نحن كلنا لا نساوي سنتا؟ أليس حمقا أن تشتعل نار زيد لأجل رماد لعمر أم هي غواية السلطة لا تستقيم إلا في بهرجة أو طبيخ؟ أو هي شريط الزيف فينا يمتد لا تسلم منه حتى أصواتنا؟.  و في الفنون، معقل الجمال، يعشعش  زناةالمسخ، ليسوا منا، يفتون تفاهاتهم عبر حواسنا الشقية علنا نستبين عقدنا و نحرر غرائزنا  من كبت كرسته ثقافة تليدة و  كأن الأب لا يستمر فينا إلا بعقوق .

حكى لي زميل، يشتغل معي في ذات الثانوية، عن معاناته مع أول مقر عين للعمل فيه, كانت منطقة نائية من مناطق البلاد المنهوكة عطشا و بؤسا. بمضاضة ذهب للعمل, وجد نفسه فائضا بدون استعمال زمن. ثانوية أخري، في منطقة أقل انتهاكا، يشتكي تلاميذ بعض الفصول شبحا، من سوء قدرهم أنه عين ليدرسهم، و الأشباح، و إن كانت موجودة فإنها لاترى. ناضل زميلي ليعوض الشبح، يستفيد و يأمن التلاميذ شر الأشباح, قوبل نضاله برفض تقول منطقيات الأمور أنه بلا معنى . ذات عشية، وفي أحد أوباته إلى حيث عين. تأخر زميلي عن موعد آخر حافلة تقل إليه. سيستضيفه أحد المناضلين النقابيين في بيته الواسع الرحب. في  قسم منه، الزوجة و الأبناء، و في قسم آخر امتدت مائدة عريضة عليها خمر و جمر, التف عليها ثلة مناضلين و عاهرات و بينهم رجل ترى تفاهته من ثنايا أناقته.

     - "مارأيك في الأستاذ فلان ؟

     - هو الفحل الذي لايشق له غبار و الولي الذي لا يراق على بابه إلا دم الأكباش.  أجاب زميلي عن سؤال باغت مرارته التي كان يحتسيها في رشفات كؤوس الخمر و قهقهات العاهرات.

انفجر الجمع ضحكا   لم يفهم سخافته زميلي إلا عندما استيقظ صوت تعيس من غفوة السكارى مشيرا إلى  التافه الأنيق:

-       هاهو الشبح.

 

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article